اعلان
قصص أطفال

قصة قصيرة للأطفال: سر الحرير

Advertisements

في بلاد الصين الكبيرةِ عَاشَ نَسَاج وَزَوْجَتهُ فِي بَيْتِ صَغيرِ. وَكَانَ النَّساج يَجْلِسُ تَحْتَ شَجَرةِ التَّوتِ الكَبِيرَةِ أمَامَ مَنْزِلهِ كُلّ يَومٍ، وَيَعْمَلُ حَتَّى المساء.

وَكَانَتْ زَوْجَتهُ تَصْبَغ الأَثْواب التي ينسجها زَوْجُها بأجمل الألوان، وَتَرسمُ عَلَيْها زهوراً وطيوراً وأشجاراً وفراشات. وكانَ النَّاسُ يُقبلون على شراء الأثواب التي يَصْنَعُها النِّسَاج وَزَوْجَتهُ.

وَذَاتَ يَوْمٍ خَرجَ النِّساجُ كَعَادتهِ مُبَشِّراً، وَجَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةِ التَّوتِ، فَسمِعَ صَوتاً يَأتِي مِن جِهةِ الشَّجَرَةِ يَقُولُ: هَلْ عَرفَ النَّسَاجُ سِرَّ الحَرِيرِ؟ فَأَجَابَهُ صَوْتٌ آخَرُ قائلاً: لا، لَمْ يَعْرِفُهُ بَعْدُ.

مقالات ذات صلة

وَقَفَ النَّسَاج ونظر إلى أعلى، فَلَمْ يَجِدُ أَحداً، وَنَظرَ حَولهُ، فَلَمْ يَجدُ أَحداً، فَظنَّ أَنَّهُ يَتَوهُمْ، وَعادَ إِلَى عَمَلَه.

وفي اليَوْمِ التّالي جَلَسَ النَّسَاجُ وَزَوْجَتُهُ يَعْمَلَانِ، فَسَمِعَا الصَّوْتَ ذَاتَهُ يَقُولُ: هَلْ عَرَفَ النِّسَاجُ سِرَّ الحَريرِ؟ فَيُجِيبُهُ الصَّوْتُ الآخر قائلاً: لا، لَمْ يَعْرِفُهُ بَعْدُ.

نَظرَ النِّساجُ وَزَوْجتهُ إلى الشَّجرَةِ، فَلَمْ يَجِدا سوى بَعْضِ الدِّيدانِ الصغيرة، تَأْكُلُ أوراق التوتِ بِنَهم وَشَراهَةٍ، فَاسْتَغرَبَا كَثِيراً، ثُمَّ عَادًا للعمل حتى المساء.

بَعْدَ ذلِكَ، صَارَ النِّساجُ يَسْمعُ الصَّوتَ كُلَّ يَومٍ، فَصَمَّمَ عَلَى أَنْ يَكْشِفَ سر ذلك الصَّوْتِ الغَريب، فَوَقَفَ يُراقِبُ الدِّيدانَ حَتَّى مَلَّ وَجَلَسَ.

وَفِي يَوْمِ مِنَ الأَيَّامِ وَقَفَ النِّساجُ يُراقِبُ الدِّيدانَ مَرَّةً أُخْرَى، فَرأى إحدى الديدانِ تَصْنعُ شَيئاً عجيباً. كانتِ الدُّودةُ تُخْرِجُ مِنْ فَمهَا خَيطاً رفيعاً جداً لا يكادُ يُرَى، ثُمَّ تَلفُ هذا الخَيطَ حَوْلَ نَفْسهَا مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ بِبُطْءٍ شَديدٍ.

بَعْدَ ثَلاثةِ أَيَّام وَجدَ النِّساجُ الدُّودَةَ قَدِ اخْتَفَتْ داخل كيس صغير جداً مِنَ الخيوط الرفيعة. ورأى بعض الديدان الأخرى قَدْ صَنعَتْ مِثْلَهَا، فَعَزَمَ عَلَى أَنْ يُراقبها كلَّ يَومٍ.

ذَهبَ النِّساجُ في اليَومِ التَّالي إِلى السُّوقِ لِيَبِيعَ أَثْوابَهُ ، ثُمَّ مَرِضتْ زَوْجَتهُ، فَظلَّ يَرْعاها إِلى أَنْ شَفيَتْ وَعادَ مَرَّةً أُخرى يَعْمَلُ تَحْتَ شَجرَةِ التَّوتِ، ثُمَّ تَذكَّرَ الديدان الصغيرَةَ فَوقَفَ يَنظُرُ إِلَيْها.

رأى النساجُ أَحَدَ الأَكْياسِ الصَّغِيرَةِ يَتَحرَّكَ. دَقَّقَ النَّظَرَ جَيْداً فَرَأَى فَتحةً في الكيس، تُحاوِلُ أَنْ تَخْرجَ الدُّودَةُ مِنْها. دُهِشَ النَّسَاجُ لِأَنَّهُ رَأَى فَراشةً بيضاءَ تَخْرجُ مِنَ الكيس، وَلَمْ يَرَ الدُّودَةَ الَّتِي نَسَجَت الخيوط.

صَاحَ النَّسَاجُ قائلاً: هذا هُوَ السرُّ إِذَنْ! لَقَدْ فَهِمْتُ الآنَ. ثُمَّ جَلَسَ النِّسَاجُ وَعَادَ إِلَى عَمَلِهِ، وَقَرَّرَ أَنْ يَنْسَى أَمْرَ ذَلِكَ الصَّوْتِ الغَرِيب.

وَمَا إِنْ بَدَأَ النَّسَاجُ عَملَهُ حَتَّى سمِعَ الصَّوتَ مِنْ جدِيدٍ يَقُولُ: هَلْ عَرَفَ النِّسَاجُ سِرَّ الحريرِ ؟ فَيُجِيبُهُ الصَّوْتُ الآخر قائلاً: لا ، لَمْ يَعْرِفُهُ بَعْدُ. وَبَعْدَ قَلِيلٍ خَرَجَتْ زَوْجَةُ النِّساج، وَمَعهَا إِناء بِهِ ماء ساخن أَعَدَّتهُ لِصنعِ بَعْضٍ الأَصْباغ، وَضَعَتْهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَقَامَتْ لِتُحْضِرَ الأَصْبَاغَ، فَاصْطَدَمتْ بِأَحدِ الأغصان.

قصص قصيرة للأطفال: سر الحرير

عِنْدَمَا تَحَرَّكَ الغُصنُ سَقطتْ مِنهُ بَعضُ الأَكْياسِ الصَّغيرة في إناء الماء الساخن، مددَّ النِّساجُ يَدهُ وَأَخْرجَ احداها. وقَد دُهشَ لَأَنَّه وَجدَ أَنَّ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَلْفَ الخيط مثل أي خيط آخر، وَقَدْ وَجَدهُ خَيطاً متينا جدا.

أَخَذَ النَّسَاجُ يَلْفُ الخَيْطَ، وَسَحبَ خُيوط الأَكْياسِ الأخرى وَلَفّهَا، ثُمَّ أَسْقَطَ أكياساً أخرى، وَأَخَذَ يَلفّها، حَتَّى تَكُونَتْ لَدَيْهِ كَمِيَّةٌ كَبِيرَةً مِنَ الخُيوطِ، فَأَخَذَ ينسجها، وَظلَّ كَذَلكَ حَتَّى أَتَمَّ نَسجَ الثَّوْبِ وَهوَ في غَايةِ السَّعادَة.

أخذت زوجة النساج الثوب وصبغته بألوان بديعة، ورسمت عليه وروداً بيضاء وحمراء، فأصبح ثوباً جميلاً جداً.

أخذ النساج الثوب إلى السوق وعَرَضَه للبيع. تَقَدَّمَتْ مِنْهُ امْرَأَةٌ مَعَها بعض الحراس، وأخذتْ تُقَلب الثوب بيديها وهي تقول: يا لجمال هذا الثوب يا لنعومته! ثُمَّ اشْتَرَتْهُ مِنه بِمَبْلَغ مالي كبير.

كانت تِلكَ المَرأَةُ تَعملُ لدى مَلَكَةِ الصِّينِ. فَلَمَّا عَرَضَتْ عَلَى الملكة اللباس أعجِبتْ بِهِ، وأَمرَت بِإِحضار النِّسَاج إِلَيْهَا. وَقَفَ النَّسَاجُ أَمَامَ المَلِكَةِ وَهوَ يرتجف من الخوف، لأنَّهُ لَمْ يَكنْ يَعْرفُ سَبب إحضاره إلى قصر الملكة.

سألته المَلكَةُ: هَلْ أَنْتَ النِّسَاجُ الذي صنع ثوباً مِنْ خُيوط الهواء؟ قالَ النِّسَاجُ: لا يا سيدتي، أنا لم أنسج الهواء. نشرت المَلكَةُ الثَّوْبَ أَمَامَهُ وَقَالَتْ: إِنَّ خيوطه خفيفة كالهواء، ولكنها قوية وناعمة وجَمِيلَةٌ، أَلَستَ أَنتَ الَّذِي نَسَجْتَهُ؟ قالَ النِّسَاجُ: نَعَمْ يا سيدتي، أَنَا نَسَجتُهُ، وَزَوْجَتي صبغته.

قَالَتِ المَلكَةُ: حَسَنا، عَلَيكَ إِذَنْ أَن تَصْنَعَ أَنْتَ وَزَوْجتُكَ ثَوْباً جميلاً لزفاف ابنتي الأميرة بَعْدَ شَهْرٍ، وأريده ثوباً رائعاً لَمْ يَرَ النَّاسُ ثَوْباً بِجَمالهِ مِنْ قَبلُ.

عاد النساج إلى بَيْتِهِ، وَأَخَذَ يَعْمَلُ هُوَ وَزَوجَتهُ فِي صُنعِ الثَّوبِ مِنْ خيُوط الديدان الصَّغِيرَةِ. وحينَ ثُمَّ نَسجُ الثَّوْبِ رَسَمت عَلَيهِ زَوجَتهُ طيوراً وأزهاراً وفراشات، وصبَغَتهُ بِلَون ذَهَبي.

حمَلَ النِّساجُ وَزَوْجَتهُ الثَّوْبَ وَذَهَبا به إلى قَصرِ المَلكةِ. فَرَدَ النِّسَاجُ الثَّوْبَ أمامها، فدهشت الملكة لجماله ودقة صنعه. وأَعْطَتهُما أموالاً كثيرة، وهدايا ثمينة.

عاد النِّسَاجُ وَزَوْجَتهُ إلى بَيتِهِما الصغيرِ، وَخَرَجا فِي اليَوْمِ التالي يعملان تَحتَ الشَّجَرَةِ مِثلَ كُلِّ يَوْمٍ، فَسَمِعا صَوتاً يقُول: هَلْ عَرَفَ النَّساج سِر الحرير؟ فَيُجِيبُهُ الصَّوْتُ الْآخِرُ قَائِلاً: نَعَمْ، لَقَدْ عَرَفَ النساج سر الحرير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *